اليوتوبيا دراسة في الجغرافيا التخيلية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

كلية الآداب – جامعة المنصورة

المستخلص

إنّ الخيال ملكة عقلية للإنسان لم تخل منها معرفة، ولا فنّ، حتى أنّه أنشأ جغرافية متخيّلة تضاف إلى القارات والبحار الحقيقية، فقد رسم لها الخرائط، كما فعل روبرت لويس ستيفنسون عندما كتب "جزيرة الكنز". لقد ساعدته الخريطة التي رسمها من أجل تسلية ابن زوجته، وكي تكون منطلقًا ملهمًا لكتابة روايته. بهذه البساطة، ساعد رسم تخييلي لخريطة جزيرة في ولادة رواية، وكان لها الأثر الكبير على قرائها، وعلى الفنّ الروائي بشكل خاص.
    ويمتلئ التراث العربي بالأمكنة الخيالية التي لم تطأها قدم إنسان إلّا في الخيال. وعندما نطالع المؤلّفات الجغرافية التراثية نلقى كثيرًا منها، وخاصة عندما تشحّ المصادر المعرفية أمام الجغرافي، فيعتمد على خياله في تكملة صورة المعمورة. لكن تلك الأمكنة المتخيلة لم تكن مقصودة لذاتها، فأي معطى معرفي واقعي جديد سيقصيها من حيز المعرفة والتداول، على العكس من رحلة عبدالله بن قلابة، الذي قاده بحثه عن جمله الضائع إلى الوصول إلى مدينة إرم ذات العماد، التي بناها شداد بن عاد. يسرد لنا التراث كيف بنى ذلك الملك الذي ملك الدنيا مدينته الساحرة بالذهب والفضة والجواهر، لكن تلك المدينة اختفت وأصبحت خرافة يتناقلها القاصون حتى عثر عليها ابن قلابة. ولكي يثبت صدقية روايته، حمل معه من جواهرها التي ما إن تكسرها حتى تفوح منها روائح المسك. سمع الخليفة معاوية بذلك، فاستقدمه ليقصّ حكايته، وليتأكّد منه، قام بسؤاله: "هل رأيتها في المنام، أم في اليقظة؟" فأجاب ابن قلابة، أنّه رآها في اليقظة، وأنّ الجواهر التي تفوح برائحة المسك هي دليل على صحة الرواية. لم يُعثر على المدينة على الرغم من أنّ ابن قلابة أشار إلى قربها من جبل عدن، فقد ظلّت مدينة خيالية.

الكلمات الرئيسية