دلالة الإعراب على المعنى :دراسة قرآنية تطبيقية

نوع المستند : وعروض الکتب والتقاریر عن رسائل الماجستیر والدکتوراه فى التخصصات العلمیة لأقسام کلیات الآداب والعلوم الاجتماعیة والإنسانیة فى مصر والعالم العربی بمختلف اللغات ( العربیة والانجلیزیة او الفرنسیة او الالمانیة ) وغیرها مما یدرس بالکلیة.

المؤلف

کلية العلوم الإسلامية للوافدين ،جامعة الأزهر الشريف

المستخلص

 
المقدمة قد تناولت فيها أهمية الموضوع , والدافع من ورائه , وأهداف البحث , ومنهج الباحث .
   فالهجوم على الإسلام والمسلمين ومقدساتهم منذ قديم الزمن ولايزال  مستمرا إلى يوم القيامة ؛ وخاصة مصادر التشريع الإسلامي : القرآن الکريم , والسنة المشرفة , الشارحة القرآن الکريم  , وکذلک الآثار الشارحة لهما , فتارة يقولون على القرآن الکريم : " أساطير الأولين " , وتارة يقولون إنه من عند محمد , وأن الذي يعلمه بشر , والمعرکة بين الحق والباطل لاتزال مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها , قال تعالى :ﭽ   ﮰ  ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ   ﯖ  ﯗ  ﯘ  ([1]) .        
     وقد تطورت المعرکة في العصر الحديث بأسلوب آخر , فقام فريق من المستشرقين مثل :  کارل فوللرز , وباول کاله بالتشکيک في حرکات إعراب القرآن الکريم , ودلالته على المعاني الترکيبية فيها ؛ حيث قالوا إن الإعراب أمر مستحدث , لم يکن موجودا في العربية حتى القرن السادس الميلادي " القرن الأول الهجري الذي نزل فيه القرآن " , ثم اخترعه علماء العربية في القرن الثامن الميلادي " الثاني للهجرة " , وأن القرآن کان في أول الأمر  غير معرب , وبعد أن اخترع علماء النحو الإعراب , طبقوا حرکات الإعراب على القرآن الکريم ([2]) , وهذا النوع من التشکيک أخطر من تشکيک السابقين , وهو يعني أن النص القرآني ناله تدخل بشري في صياغته , وهذا افتراء على القرآن الکريم الذي تولى الله حفظه ,حيث قال الله تعالى : ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ      ﮛ  ﮜ   ﮝ  ([3]) .        
      ومن هنا فقد أنکروا دلالة الإعراب على المعاني في اللغة العربية والقرآن الکريم.
   هذا وقد نهج الدکتور/ إبراهيم أنيس -  أکبر لغوي في العصر الحديث نهج المستشرقين – من جحد أصالة الإعراب , ودلالته على المعنى , فقد کتب في المسألتين تسعا وسبعين صفحة حشدها بالآراء التي تفتقر إلى الأساس العلمي ([4]) . ثم انتهى إلى ما قاله قطرب " تلميذ سيبويه ت 207هـ " من أن حرکات أواخر الکلم في الشعر الجاهلي وغيره , إنما هي حرکات للتخلص من التقاء الساکنين , والتقاء الساکنين ثقيل فحرکوا أواخر الکلم تخلصا من ذلک ([5]) ؛ لأن ( اللفظ ) في العربية يُنطق ساکنا عند الوقف عليه .
      وعلل الدکتور/ إبراهيم أنيس زعمَه بأن الذي يتحکم في اختيار حرکة التخلص من التقاء الساکنين " ضما أو فتحا أو کسرا " هو الميل إلى تجانس الحرکات المتجاورة , أي تجانس الفواصل , وإيثار بعض الحروف لحرکات معينة ([6])  .
    والحقيقة أن قواعد النحو استُنبطت من القرآن الکريم – کلام الله , المحکم , المعجز , خاتمة کتب الله تعالى إلى الأرض – الذي حمله إلينا أشرف رسول - خاتم الأنبياء والمرسلين , سيدنا محمد  بأشرف لسان - وهو اللسان العربي المبين – الذي يُعد أصل الألسنة النبوية کلِّها , وهو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم , تحدى الله تعالى - به الإنس في بلاغتهم وفصاحتهم ,  والجن في قدرتهم الفائقة , قال تعالى :
ﭜ   ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦ   ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ     ﭬ  ﭭ  ﭮ([7]) .  
    ومن المعلوم أن القرآن نزل بلسان عربي مبين , قال الله تعالى: ﭘ  ﭞ  ﭟ  ﭠ   ﭡ  ([8]) ، وقال تعالى:   ﮣ  ﮤ     ﮥ  ([9]) ، وقال تعالى: ﮩ  ﮪ  ﮫ  ﮬ   ﮭ  ﮮ  ([10]) ، وقال تعالى :
ﰃ  ﰄ  ﰅ  ﰆ      ([11]) ، وقال تعالى: ﭘ  ﭙ   ﭚ  ﭛ  ﭜ  ﭝ     ﭞ ([12]) .
 
     وعربيةُ هذا القرآن تقتضي أن يکون مُعْرَبا ؛ حتي لايطرأ عليه لحنٌ ولاتحريف ولاتبديل , وقد حفظه الله تعالى - کما أخبرفقال :ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ   ﮝ([13]) .
     ومنذ نزول القرآن الکريم  والدراسات حوله  تنمو وتتشعب , والعلوم تزيد وتتوسع , هادفةً إلى الحفاظ عليه من اللحن أوالخطأ  أو التحريف والتبديل , وساعيةً إلى بيان أوجه إعجازه وشرح مراده .
      وهذا القرآن مٌؤلف من الحروف التي يُؤلِف منه العرب کلامهم ؛ إلا أن إعجازه لا يمکن أن ينکره منکر , حيث قال الوليد بن المغيرة - ألد أعداء الإسلام حين سمع بعضه  : " والله إن له لحلاوة , وإن له لطلاوة , وإن أعلاه لمثمر , وإن أسفله لمغدق , وإنه يُعلى ولا يُعلى عليه , وما هو بقول البشر" .
       والکلام موضوع للدلالةعلى المعاني , واللفظ والمعنى متلازمان , وکما يقول صاحب الطراز : إن البلاغة : "عبارة عن الوصول إلى المعاني البديعة بالألفاظ الحسنة , أو عبارة عن : حُسْن السَّبْکِ مع جودة المعاني "([14]) .



(

الكلمات الرئيسية