التغيُّر الدلالي في الخطاب المسرحي عند الکاتبة "سارة سترَسْبِرج ديان"

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

يُعد التغيُّر اللغوي أحد أهم سمات اللغات الحية, نظرًا لکونها ترتبط بالإنسان الذي هو محور التطور والتغيُّر في الکون, ولأن التطور والتغيُّر هما سنة الله في الکون. فالحياة تتغير بمرور الوقت وعليه فاللغة التي ترصدها وتعبر عنها تتبدّل, فکل يوم يطرأ علي الإنسان احتياجات جديدة يلجأ لتلبيتها من خلال استحداث وتطوير ما من شأنه أن يُشبع هذه الاحتياجات, وهذا التطوير يجري أيضًا علي اللغة, التي أهم وسيلة للتعامل بينه وبين أفراد مجتمعه. ومما يُعزّز ذلک أيضًا أن اللغة باعتبارها کائن حي, يسري عليها ما يسري علي الإنسان من تطور أو تغيُّر. وکما قال ماريو باي "إن الاتّجاه الطبيعي للغة هو اتجاه يبعدها عن المرکز، فهي تميل إلى التغيّر، سواء خلال الزمن أو عبر المکان، إلى الحدّ الذي لا تُوقف تيّاره العوامل الجاذبة نحو المرکز … وهذه الخاصية العالمية للغة تشکل الأساس في کل تغير لغوي". وعلي هذا فإن التغيُّر ينبُع من عدة أسباب وعوامل تساعد علي حدوثه, وتجعله أمرًا حتميًا لاستمرار الحياة, علي الرغم من جهود المجامع اللغوية في منع هذا التغيُّر.
ويعتبر التغيُّر الدلالي أحد مظاهر التغيُّر اللغوي, التي تتغير بتغيُّر ظروف العصر اللغوية والفکرية والإجتماعية وغيرها, وبالطبع تغيُّر احتياجات الإنسان من اللغة في هذا العصر. ومن المعروف "أن الأسبقية هي دائمًا للمعني علي اللفظ سواء تعلق الأمر منها بالمفرد أو المرکب انطلاقًا من أن هناک دومًا أسبقية علي صورته الذهنية في العقل",  فالتغيُّر في محتوي الکلمة, أي دلالتها, يعتبر النوع الأکثر شيوعًا من بين التغيرات الأخري التي تصيب بقية مستويات اللغة"
فالثروة اللغوية لکل لغة تکون في حالة تدفق مستمر وتغيُّر لا يتوقف: فنجد کلمات تندثر وتنزوي وکلمات أخري تنتشر في الاستعمال؛ کلمات يتوسع مجال استعمالها وکلمات يضيق مجالها, وهلم جرا. ومثلما يحدث في النظام النحوي يحدث أيضًا في النظام المعجمي, فکل تغيير يجر وراءه تغييرات أخري- سواء قليلة أو کثيرة- في الکلمات الأساسية, ويتسبب أيضًا في ترتيب جديد للحقول الدلالية.

تتغيّر دلالة الألفاظ بحسب احتياجات الفرد منها, وبما يواکب تطوُّر الحياة من حوله, "إذ يصعب في کثير من الاحيان توجية دلالات الألفاظ وتحديد ما تشير إليه بدقة, لتعلُّق ذلک بالعوامل الإجتماعية والثقافية والنفسية وبسبب تغير المعني وتطوره باختلاف الزمان والمکان وتبعًا للاستعمال, في ضوء متابعة التطور الدلالي للألفاظ والکشف عما يعتريها من تغير دلالي ونعني به تغير معاني الکلمات في نمو اللغة وأطوارها التاريخية"
وتؤثر الباحثة استعمال مصطلح "التغيُّر الدلالي" بدلًا من "التطوُّر الدلالي"؛ وذلک لأن المصطلح الأول أعم, حيث "يوحي بالتغيُّر بصفة عامة والانتقال من حال إلي حال, سواء أکان هذا التغيُّر يؤدي إلي ارتقاء الدلالة أو انحطاطها أو تغيُّر مجال استعمالها. أما المصطلح الثاني فيوحي بارتقاء الدلالة فقط: أي انتقالها من الادني إلي الأعلي"

الكلمات الرئيسية